لا تنشأ صحبة
إنسان لإنسان إلا بناء على ظروف تجمع بينهما، وهذه الظروف اجتماعية
وثقافية وسياسية وفكرية وحضارية وبيئية...
وتمتن الصحبة بناء على تمتن العلاقة الناشئة بينهما، وذلك طبقا لوحدة
الأفكار والمشاعر والأنظمة، أو طبقا للبيئة الجغرافية والروابط الوطنية
والقومية والمصلحية..
ولكن الصحبة المرادة هنا ليست من هذا القبيل، إذ هي صحبة فريدة من
نوعها، بحيث تضع أمر نشوئها مشروطا باعتماد وسيلة تؤدي إليها فكانت
الصحبة بالدرجة الأولى لنفس الوسيلة والتي هي "جريدة طنجة الجزيرة
الإلكترونية"، هي صحبة من قبل "طنجة الجزيرة" لعقل الزائر الكريم، صحبة
يخاطب فيها العقل ويرافق ضمن المسيرة الفكرية والثقافية والسياسية
لطنجة الجزيرة الفتية ولا تستثني المسيرة الأدبية والفنية...
وطنجة الجزيرة لا تبغي من وراء صحبتها للزائر الكريم جعله زائرا فحسب،
بل تبغي جعله زائرا قارئا، وكاتبا ناشرا، وفاعلا متفاعلا فيها.. لأن
خدمة أمتنا ثقافيا وحضاريا، عقليا ومشاعريا يتطلب عطاء من جميع ذوي
القدرات، عطاء يراد به تبصير الأمة بمواطن ضعفها، تبصيرها بطريق النهضة
الصحيحة، يراد به وضع إصبعها على الأدران التي علقت بمبدئها حتى تزيلها،
بالشوائب التي ملأت فضاء عينيها فمنعتها عن الرؤية الواضحة حتى تسلم
رؤيتها وتتوسم، بالمؤامرات التي تحاك ضدها حتى تتخذ إجراء الحياة أو
الموت مع أعدائها..
وإذ تخطو طنجة الجزيرة أولى خطواتها إسهاما منها في محاولة رفع الأمة
لاقتعاد المكانة المرموقة التي أزيحت عنها بفعل الانحطاط والمؤامرات
المحلية والدولية؛ تقرر استفراغ الوسع في تقديم مادتها بصدق وإخلاص،
كما ترفض تحكيم جميع المقاييس عدا مقياس الخيرية والشرية من منظور
متميز لا يلحقه التخطيء إلا في ذات الشخص الذي اعتمده، وليس في ذات
المنظور، وبذلك تستطيع طنجة الجزيرة شق طريقها وسط الكم الهائل من
المنشورات الإلكترونية مؤمنة بالنجاح، ومؤمنة بجدوى ما تطرحه إن أقنع
العقل ووافق الفطرة وملأ القلب بالطمأنينة.
ودور الزائر في صحبة طنجة الجزيرة، ودورها في صحبته؛ دور ريادي، دور لا
تسمح فيه طنجة الجزيرة بقيادته لأنها تؤمن بإمكانية قيادته لها لأن
الخير في أمتنا إلى قيام الساعة، ولذلك رأت ليس كحل وسط، بل كحل طبيعي
مُرض للطرفين السماح بتسليم رقابنا جميعا إلى قاعدة فكرية صحيحة
لقيادتنا، تقودنا نحن الاثنين لنعمل بعد ذلك معا على حمل الأمة كي
تنقاد هي الأخرى إلى هذه القيادة الفكرية والقاعدة اليقينية، ثم جعلها
تتحسس واقعيا وجوب العمل من أجل حمل البشرية دون إكراه على الانقياد
لنفس القاعدة الفكرية، وهذا عمل صعب وشاق، ولكنه بنفس الوقت سهل ميسور،
هذا إذا استقر فكرنا على كون ذلك واجبا يوجبه علينا المبدأ الإسلامي..
.............
محمد محمد البقاش
طنجة في: 08 يونيو 2010 |