هذا الليل يشتاقك أكثر
كلما فتحتُ ثقباً في رأسي
إلا وانفجرَ من إسمكَ حرفْ
و كلما عصرتُ لبَّ الليلِ
على شفا حلمٍ يطرقُ بوابةَ ليلي
إلا وسالَ من غيابكَ نزفْ
فكيفَ أودعكَ و أنتَ أنا ...!
طيفانِ نحن في طيفْ
هذا الليلُ يشتاقكَ أكثرْ
بذكركَ حتماً أراهُ يسكرْ
همسكَ بقلبي أسمعهُ كهديرِ النسيمِ ، و أكبرْ
لَمْلَمَ نبضاً تشظَّى بين دروبِ الجفاءِ
العصافيرُ تهفو لرؤياكَ والأرضُ بحبكَ تكبرْ
قمرٌ على بساطٍ أخضرْ
أيها الضوءُ المُبهرُ على شفا غُربتينِ وجرحٍ
أنبِئْني بنورِ سركَ ، أهُوَ ربيعٌ أم صيفْ...!
والحاضرِ المكسورِ
ومرثيتي التي لم تكتمل أني تحتَ أمركَ
سأحيا فيكَ حين يعانقُ يُتمي المساءَ كأجملِ ضيفْ
و يصبحُ حلمي في ليلكَ نزفٌ يراقُ
تكتملُ أبديتنا ككل العشاقْ
زماننا يصير بطيئاً قبلَ اللقاءْ
و إن أطال إسمكَ الركوعَ على نبض الكف
كهلالٍ يطفو فوق نبعِ القلبِ يهذي لاشتياقْ
وأنا ما استطعت الخروج من لغة ترتق حرفا بحرف
لكن القصائدَ من عشقِ جموحِ ليلكَ الشرسْ
تبغي الإنعتاقْ ... لكنني وجدتني أضربُ كفاً بكفْ
ــــــــــــــــــــــ
التكثيف في التجريد اللغوي قليل في الكتابات الإبداعية، وهو حين يوجد بكثافة في قصيدة واحدة يدل على تمكُّن من التصوير وبه يُحكم على وجود الخيال الخصب للشاعر، والشاعرة نعيمة حسكة بقصيدتها "هذا الليل يشتاقك أكثر"؛ منهم.
ـــــــــــــــ
محمد محمد البقاش أديب مغربي من طنجة
القصيدة الثانية
علمني....
لا تبتر من سري سرا
نقشته على شغاف المجازات
ولا تشعل سراجا يرمم العثرات
فأنا المستعرة دمعا
عالقة في بركة الحياة
ارتشف من كبوة الحرف
تيها بنزف الجراحات
من امسك سبيلا لقلب الاحلام؟
من صنع من عمق الشهقة
بردا وسلاما؟
غير أنك رعشة عبرت فجاج الآهات
أمهلني لأرمم ما بقي في الوفاض
من فسحة تجوب مغاور القلب
كي يتناسل من جديد
يا من يستبق نوره خيوط الشمس
نغمة تتهادى في خيال الامنيات
بهبوب ريحك يحترق الكون
علمني كيف تثمل السواقي حد اليباب
بعطر تخثر في المساء
حين يترك الأنجم عارية
تسامر ترانيم الغناء
علمني كيف تنطفئ الدمعة العالقة في المتاهات
وكيف الريح الشاردة تأوي إلى مخدعها
حين يرسو مركب الفصول على ضفاف وجدك
ويصير البحر الاحمق لحظة عطش
وأنا العائدة من رحلة عمري بخفي حنين
حين الامنيات تنام على سرير مائل
ساعة الزمن معطلة
تحاصرك عقاربها كالعدم
الوجوه وحدها تباغتك
بسحنات يندى لها الجبين
تفسد حلما هاربا الى بؤبؤ قلبك
وحشة الروح صريعة بين لجج الحنين
وانا التي وضعت رمادي
على جرح اكتوت منه أحرف القصائد
حين حذف الزمن من سيرة هذا الجسد شطرين
علمني كيف انصب مقصلة من نزف ذو حدين
كم انت غائر ايها العطش
وانت تسكن تلك العينين
كلما رميت حجرا في اغوار اليم
استحال كبوة في دهاليز السنين
وبأصابع مبتورة تجلدني الأمسيات
علمني كيف أغرق في دمعتك المباحة.
ــــــــــــــــــ
قصيدة الشاعرة نعيمة حسكة "علمني" قصيدة ذات مجاديف تمخر بالمتلقي في خضم لجي تغشاه ظلمات تبددها صورها التجريدية الجميلة.
تستقل الشاعرة بقصيدتها هذه أثيرا ينتشر كالإشعاع الكهرومغناطيسي ليصل إلى المتلقي ويدخل إلى شغاف قلبه ليستقر به محدثا متعة رائعة.
ــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش أديب مغربي من طنجة