الرئيسية » أخبار وطنية ودولية


في ظلال طوفان الأقصى

الثلاثاء 17-10-2023 02:51 صباحا


في ظلال طوفان الأقصى "7"
     

تهديد المستشفيات وتحذير طواقمها إعدامٌ للجرحى وقتلٌ للعامة

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

لا ينفك جيش الاحتلال الإسرائيلي يوجه رسائل تحذيرية مباشرة إلى إدارة مستشفيات قطاع غزة وطواقمها الطبية العاملة بضرورة الخروج منها وإخلائها، ويحدد في رسائل هاتفية أو أوامر عسكرية على لسان الناطقين باسمه، مهلاً زمنيةً لكل مستشفى لإخلائه قبل قصفه وتدميره، علماً أنه يعلم أنها مكتظة بالجرحى، وأن أقسامها وغرفها وأسرتها لا تكفي لأعداد المصابين، الذين باتوا يطرحون أرضاً وفي الممرات، في ظل العجز الشديد في الأدوية والمعدات الطبية ومستلزمات العمليات الجراحية، والتهديد الفعلي بتوقف كافة الأجهزة الطبية عن العمل في حال نفاذ الوقود وتوقف المولدات الكهربائية الخاصة بالمستشفيات.

 

يعلم العدو الإسرائيلي أنه لا مكان لجرحى غاراته الوحشية على سكان قطاع غزة إلا المستشفيات والمراكز الصحية البسيطة، ويعلم أن عدد الجرحى تجاوز مع الساعات الأولى لليوم الحادي عشر لعدوانه على غزة العشرة آلاف جريح، جراح المئات منهم خطيرة، وإصابات بعضهم ميئوسٌ منها، وقد أصبح الأطباء والعاملون في المستشفيات يفاضلون بين الجرحى، أيهم يمكن إنقاذه فيعجلون بعلاجه، وأيهم ميئوسٌ منه لا تجدي قدراتهم المحدودة في استنقاذه فيخفون إلى غيره أملاً في نجاته.

 

إلا أن إدارة المستشفيات عامةً، أطباء وممرضين وإداريين وعاملين، لم يصغوا إلى التهديدات الإسرائيلية، ولم يعيروها اهتماماً، وأعلنوا رفضهم التهديدات العسكرية الإسرائيلية، وأصروا على البقاء في المستشفيات أياً كانت الأخطار المحدقة بهم، وأكدوا أنهم باقون وصامدون، فهم جزءٌ من هذا الشعب، يسعهم ما وسعه ويصيبهم ما أصابه.

 

ويعلمون أن القتل الذي يستهدفهم ويهددهم به العدو، قد يطالهم في أماكن عملهم أو خارجها، فجيشه لم يبق على مكانٍ دون قصفٍ، ولم يستثن منطقةً من غاراته الوحشية العمياء، ولعل الكثير من العاملين في المستشفيات فوجئوا بأبنائهم أو بعض أفراد أسرهم شهداء بين أيديهم، أو جرحى على أسرتههم يحاولون إسعافهم، إلا أن هذا لم يفت في عضدهم، ولم يوهن عزائمهم، ولم يجعلهم يغيرون رأيهم ويتخلون عن واجبهم، أو يمتنعون عن أداء الخدمة لشعبهم خوفاً من غارات عدوهم، الذي قد لا يتردد في قصف مستشفياتهم في أي وقتٍ، إذ أنه لا يحترم قانوناً ولا يراعي عرفاً، ولا يلتزم قواعد الحرب أو القوانين الإنسانية.

 

لا يعني أبداً أن العدو الذي أصدر تحذيراته إلى المستشفيات أنه لم يقصفها، ولم يستهدف المؤسسات والهيئات الصحية العاملة في قطاع غزة، فقد وثقت الهيئات الطبية استهدافه العنيف والمتكرر لعشرات المراكز الصحية الصغيرة وتدميرها بما فيها من تجهيزاتٍ طبيةٍ ومعداتٍ، وسجلت عدسات المصورين قصفه لسيارات الإسعاف والأطقم الطبية المصاحبة لها، وقتله من فيها من الطواقم الطبية والجرحى، وهكذا بات عدد شهداء المؤسسات الطبية الآخذ في الازدياد مستمر، بما يهدد فعلياً قدرة ما بقي من المستشفيات على العمل، وتقديم الإسعافات الضرورية للجرحى في أماكن القصف أو مراكز العلاج.

 

واضحٌ أن العدو الإسرائيلي يريد تركيع الشعب الفلسطيني وإجبار المقاومة على الخضوع والتسليم تحت ضغط استهداف المدنيين، وارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، بالإضافة إلى التدمير الشامل لكل الأبنية السكنية والعمرانية والصناعية، والمدارس والمساجد والأسواق، وحتى الشوارع والطرقات والمنشآت والمخابز والصيدليات والمحلات التجارية، وغيرها مما يمكن أن يساهم في الصمود، ويساعد الشعب والمقاومة على البقاء، وما زال ماضياً في عمليات القصف الجوي والبري والبحري على مدى الساعة، ليلاً ونهاراً، ودون تحذيراتٍ مسبقةٍ أو أو إنذاراتٍ، إلا أن الفلسطينيين قد أعرضوا صفحاً عن تهديداته، وأشاحوا بوجوههم عن غاراته، وعضوا بصبرٍ على جراحهم، واحتسبوا عند الله شهداءهم، وأقسموا صادقين على استكمال النصر الذي بدأوه، وتحقيق الوعد الذي قطعوه.

 

بيروت في 16/10/2023

moustafa.leddawi@gmail.com

 

 

 التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع


  المشاركة السابقة : المشاركة التالية

إضافة تعليق سريع
كاتب المشاركة :
الموضوع :
النص : *
 
TO  cool  dry 
عربي  mad  ohmy 
huh  sad  smile 
wub 

طول النص يجب ان يكون
أقل من : 30000 حرف
إختبار الطول
تبقى لك :



 

   ابحث في الموقع


 

   اصدارات الجيرة


 

   مرئيات

أيهم أولى بالتعديل مدونة الأسرة؟ أم مدونة المجتمع؟ أم مدونة الدولة؟
الزيغ والخطأ عند القرآني سامر إسلامبولي ينكر التراث ويتبنى منه ما تعلق بشرح آية: "ومايعلم تأويله إل
القرآني احمد عبده ماهر يكذب على ابن عباس فينسب إليه شرح "غاسق إذا وقب" بمعنى الذكر إذا انتصب

 

   تسجيل الدخول


المستخدم
كلمة المرور

إرسال البيانات؟
تفعيل الاشتراك

 
 

الأولى . أخبار متنوعة . قسم خاص بالأدب المَمْدَري . القسم الإسباني . الكتابات الاستشرافية في السياسة والفكر والأدب . ثقافة وفنون
كتب وإصدارات . تحاليل سياسية . تعاليق سياسية . بريد القراء . سجل الزوار . من نحن . اتصل بنا

المواضيع والتعليقات المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي الموقع، و إنما تمثل وجهة نظر كاتبيها. ولن يتحمل الموقع أي تبعة قانونية أو أخلاقية جرّاء نشرها.

جميع الحقوق محفوظة © 2009 - 2010 طنجة الجزيرة

تصميم وتطوير شبكة طنجة

ArAb PoRtAl